هل نعيش اليوم من جديد حربا دينية افتراضية
تتزاحم اليوم الاقمار الصناعية لبث الاعداد الغريبة من القنوات التلفزية الدينية التي تتصارح من اجل فرض دياناتها ومذاهبها ومللها ونحلها.كما تزخر الشبكة العنكبوتية بالالاف من مواقع الانترنات والشبكات الاجتماعية المختصة في الشأن الديني.ويعبر هذا التهافت على نشر المادة الدينية على تعطش لدى الشباب الملء الفراغ الفكري والعقائدي الذي اصبح يعيشه وعن رغبة جامحة للتلاحم الاجتماعي في مجتمع تسوده الانفرادية والعزلة ولكن هذا الزخم الاعلامي لا يجب ان يلهينا عن خلفياته الدولية في في تنظيم الحملات التنصيرية وفي بث الفرقة العقائدية داخل الدول , وهو يخفي ايضا خلفيات سياسية للوصول الى السلطة وفي المحافظة عليها استنادا على الشرعية الدينية .كما يخفي خلفيات اقتصادية في كسب الارباح من المادة الدينية كبضاعة تلقى الرواج التجاري الكبير. وحتى لا ينساق شبابنا في متاهات هذه الصراعات الدينية والمذهبية وحتى لا يلتحق مثل البعض الى ديانات اخرى وحتى لا ينجر وراء تنظيمات سرية ارهابية ضمن هذا النظام الافتراضي المحرر من القيود والرقابة يتعين في نظري تدعيم البحث العلمي الرصين حول هذه الظاهرة الاعلامية الخطيرة وتجنيد المجتمع المدني لتربية الناشئة وتحصينهم من الاخطار المحدقة بهم من خلال تفكيك المنظومة الاعلامية الدينية وتحليل خلفياتها وكشف نواياها وحتى لايبقى شبابنا مجرد مستهلك سلبي لهذه المادة عن غير دراية بمقاصدها وحتى لا ينساق بدوره الى المشاركة في حرب لاتعنيه
هل يختلق الاعلام قضايا دينية مفتعلة؟
في الوقت الذي يؤكد فيه كل التونسيين ايمانهم بالاسلام نتابع وسائل الاعلام منذ اندلاع الثوره ونلاحظ المكانة المتميزة التي اصبحت المسألة الدينية مطروحة في مضمونها ويذهب البعض الى ان الاعلام مسؤول بالدرجة الاولى عن المزايدات الدينية والسجالات العقائدية وتراشق الاتهامات بالتكفير والالحاد والحال ان تونس تواجه تحديات اكبر لبناء المؤسسات الديمقراطية والقضاء على مخلفات الفساد ولحل مشاكل التشغيل وغلاء الاسعار وغيرها من المسائل الحيوية, وتتمثل مسؤولية الاعلام في توجيه الاخبار وتضخيمها واكسابها صبغة الاثارة وكذلك في الخلط المتعمد بين نقل الاخبار وتحليلها والتعليق عليها وهناك من يعتبر ان هناك اطرافا تقف وراء هذه المهاترات الدينية لاحتلال مكانها ضمن الساحة السياسية ولمقاومة هذه الاطراف والاعلام هو الي اختلق امارة سجنان وهو الذي عرف بالشيعة في قابس ولولا الضجة التي احيطت بعرض شريط برسيبوليس ما كان للنهضة ان تكسب التعاطف الشعبي في الانتخابات في نظرهم ولولا تركيز الاعلام على مشكلة النقاب في منوبة ما كان للسلفيين ان يطفوا على الساحة بهذا الحجم . ولولا طرح الاعلام لمسألة ختان البنات ما كان لوجدي غنيم ان يثير تلك الزوبعة والمشادات التي عرفناها, وفي مقابل هذا الطرح هناك من يعتبر ان الاعلام مطالب في المجتمعات الديمقراطية بأن ينقل الاحداث التي تهز المجتمع بدون قيود او صنصرة والاعلام لم يختلق اعتصام منوبة او ازالة العلم الوطني من واجهة الكلية ولم يختلق المواجهات العنيفة التي اسفر عنها عرض شريط برسيبوليس ولم يختلق المصادمات التي نتجت عن زيارة غنيم لتونس ولا يمكن له تجاهلها لانها تمثل بالفعل جوهر الصراع القائم حاليا حول النموذج المجتمعي الذي ننشده. واذا كان هناك تهرب من معالجة القضايا الجوهرية للمجتمع فالمسؤولية تعود بالاساس الى الطبقة السياسية التي توظف المسألة الدينية لتعزيز وجودها وللاطاحة بمنافسيها السياسيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق